لا يكن قلبك ضيقًا 🔗 يتأثر بسرعة، ويتضايق بسرعة، ويندفع للانتقام لنفسه..
بل كن كبيرًا في قلبك، وواسع الصدر، تحتضن في داخلك جميع المسيئين إليك.
وحينئذ ستشعر بالسلام الداخلي، وتدرك بركة القلب الكبير..
القلب الكبير لا تتعبه إساءات الناس، ولا يقابل الإساءة بالإساءة. إنما تذوب جميع الإساءات في خضم محبته وفي لجة احتماله.
القلب الكبير أقوى من الشر.
الخير الذي فيه أقوى من الشر الذي يحاربه. ودائمًا ينتصر الخير الذي فيه.
ما أعمق القلب الذي يعيش في سلام داخلي، يملك الهدوء عليه، وكل ضيقات العالم لا تزعجه 🔗 إنه يستمد سلامه من الداخل، وليس من الظروف المحيطة.. لذلك فإن الظروف الخارجية لا تزعزعه.
حقًا، إنه ليس من صالح الإنسان أن يجعل سلامه يتوقف على سبب خارجي: إن اضطربت الأحوال يضطرب معها، وإن هدأت يهدأ. سبب خارجي يجعله يثور، وسبب يجعله يفرح، وسبب يبكيه، وسبب يبهجه.. مثل هذا يكون كما قال الشاعر:
المحبة هي الفضيلة الأولى بل هي جماع الفضائل كلها. وعندما سئل السيد المسيح عن الوصية العظمى في الناموس، قال إنها المحبة" تحب الرب إلهك من كل قلبك، ومن كل فكرك، ومن كل قدرتك.. وتحب قريبك كنفسك" " وبهذا يتعلق الناموس كله والأنبياء".
وقد جاء السيد المسيح إلى العالم لكي ينشر المحبة، المحبة الباذلة المعطية، محبة الله للناس، ومحبة الناس لله، ومحبة الناس بعضهم لبعض. وهكذا قال لرسله القديسين: “بهذا يعلم الجميع أنكم تلاميذي، إن كان فيكم حب بعضكم نحو بعض”.
هل الصالح الإسراع في العمل أم البطء فيه؟ انه سؤال حير الكثيرين، وتعددت فيه الآراء، وتناقضت، وبقى الناس حائرين بين السرعة والبطء 🔗 نسمع أحد الشعراء يشجع على التروي والتأني فيقول:
قد يدرك التأني بعض حاجته وقد يكون مع المستعجل الزلل
ولكن هذا الكلام لا يعجب شاعرًا آخر فيرد عليه قائلًا:
وكم أضر ببعض الناس بطؤهمو وكان خيرًا لهم لو أنهم عجلوا
وهكذا بقى الأمر كما هو، موضع حيرة: هل نبت في الأمر بسرعة، أم نتأنى ونتروى.
أيها القارئ العزيز، لتكن رغبتك الأولى هي الله، وباقي الرغبات داخلها. ولتكن رغباتك سببًا في سعادتك وسعادة الناس. واحذر من أن تعيش في جحيم الرغبات.. الرغبات العالمية التي تستعبد من يخضع لها.. بحث أحد الحكماء في أسباب السعادة والشقاء، فوصل إلى حقيقة عميقة في فهمها وهي:
إن سبب الشقاء هو وجود رغبة لم تتحقق.
قد يعيش الإنسان فقيرًا، ويكون سعيدًا في نفس الوقت. ولكن إن دخلت قلبه رغبة في الغنى ولم تتحقق، حينئذ يتعب ويشقى.
ليس كل ما يصل إلى أذنيك هو صدق خالص. فلا تتحمس بسرعة لكل ما تسمع، ولا لكل ما تقرأ.. ولا تتخذ إجراء سريعًا لمجرد كلام سمعته عن إنسان ما.. بل تحقق أولًا، واعرف أن كثيرًا من الكلام يقطع رحلة طويلة قبل أن يصل إلى أذنيك..
صدق الحكيم الذي قال: (لا تصدق كل ما يُقال)..
اجعل عقلك رقيبًا على أذنيك، وافحص كل ما تسمعه، ولا تصدق كل خبر، لئلا تعطى مجالًا للوشاة وللكاذبين، ولمن يخترعون القصص، ولمن يصنعون الأخبار، ولمن يدسون، ويشهدون شهادة زور.
هل نحن في حياتنا نأخذ أم نعطى؟ أم نحن نأخذ ونعطى، أم نأخذ ولا نعطى؟ لسنا نستطيع أن نفهم كل هذا، ما لم ندرك في عمق: ما هي فلسفة الأخذ والعطاء.
كلنا في الحياة نأخذ ونعطي.. وسعيد هو الإنسان الذي مهما أعطى، يشعر أنه يأخذ أكثر مما يعطى، أو لا يشعر إطلاقًا أنه يعطى..
مسكين ذلك الشخص الذي يظن أنه لا يأخذ شيئًا، أو الذي لا يحس ما قد أخذه.. إنه يعيش تعيسًا في الحياة، شاعرًا بالظلم، وشاعرًا بالعوز، ويقضى عمره في التذمر وفي الضجر وفي الشكوى، وفى الافتقار إلى الحب.
تكلمنا في المقالات السابقة عن: الخير، والعمل الخيِّر ، و الإنسان الخير ..
وبقى أن نكمل هذا الموضوع بكلمة بسيطة عن الخير وعن وسائله أيضًا..
قلنا من قبل إن الخير لابد أن يكون في ذاته، وخيرًا في هدفه، وخيرًا في وسيلته، وبقدر الإمكان يكون خيرًا في نتيجته.
ونحن نتكلم عن الخير بمعناه النسبي فقط، أقصد بالنسبة إلى ما نستطيع إدراكه من الخير، وما نستطيع عمله من الخير.. وأقصد الخير بقدر فهمنا البشرى له، وبقدر طاقتنا المحدودة في ممارسته.
هناك قواعد هامة، عليك أن تتبعها لكي تكسب محبة الناس، ونحاول هنا أن نعرض لبعض منها.
1- ضع هدفًا واضحًا أمامك، أن تكسب محبة الناس، حتى لو أدى الأمر أن تضحي في سبيل ذلك..
هناك أشخاص يهمهم ذواتهم فقط، ولا يهتمون بالآخرين. لا يبالون إن غضب فلان أو رضى. أما أنت فاحرص على شعور كل أحد، وحاول أن تكسب كل أحد، لأن الكتاب يقول: “رابح النفوس حكيم”. وإن عرفت أن واحدًا من الناس متضايق منك، فلا يهدأ قلبك حتى ترضيه.
كلنا نؤمن بالخير، ونريد أن نعمل الخير.
ولكننا نختلف فيما بيننا في معنى الخير وفي طريقته.
وما يظنه أحدنا خيرًا، قد يراه غيره شرًا !!
فما هو الخير إذًا؟ وما هي مقاييسه؟
لكي نحكم على أي عمل بأنه خير، ينبغي أن يكون هذا العمل خيرًا في ذاته، وخيرًا في وسيلته.. وخيرًا في هدفه، وبقدر الإمكان يكون أيضًا خيرًا في نتيجته.
وسنحاول أن نتناول هذه النقاط واحدة فواحدة، ونحللها. وسؤالنا الأول هو: ما معنى أن يكون العمل خيرًا في ذاته !