كتاب تاريخ الأمة القبطية (وكنيستها) - المجلد الأول
كتاب تاريخ الأمة القبطية (وكنيستها) تأليف السيدة ا.ل.بتشر الانكليزية المجلد الأول
سنة ١٩٠٠ افرنكية الموافقة سنة ١٦١٦
مقدمة المؤلفة 🔗
إن الغرض الذي لأجله وضعت هذا الكتاب التالي هو الابحاث التي وصل إليها جمهور المؤرخين والباحثين فيما يتعلق ببقية الأمة المصرية القديمة أو هم الأقباط وهو يبتدئ من تاريخ دخول الديانة المسيحية هذه البلاد لحد الآن. وتاريخ هذه الأمة ممتزج من أوله لآخره بأقوام كثيرة مختلفة أغارت على البلاد وملكتها من رومان وأروام وعرب وأكراد وشراكسة وأتراك وغيرهم وهم الذين أذلوُّا المصريين وجعلوا بلادهم مستباحة لهم. ولقد اسفر بحث الباحثين المدققين على أن أعقاب المصريين الأصليين الباقين إلى الآن هو الأقباط المسيحيين لا المسلمين وهم الذين عنيت أنا بعد عناء كثير وشغل متواصل بوضع هذا التاريخ الوافي عنهم ليسهل على القراء ومعرفة أصلهم ونسبهم وديانتهم بدون تعب.
والذي حدى بي إلى هذا العمل هو أولاً رغبتي في إفادة الطلاب بتاريخ هذه الأمة القديمة وثانياً اقامتي مدة عشرين سنة في القطر المصري إذ قدرت أن أطوف جائلة في أكثر القرى والكفور حيث رأيت فيها المسيحيين الأقباط لازالوا على عهدهم الأول من التمسك بالعقائد والتقاليد القديمة المنقولة عن الآباء الأولين _ حيث سمعت من أفواه البسطاء حكايات وروايات عما كان للمصريين من المجد والسودد مما أقبتته البحث وأكده العلم. ولقد تعبت كثيراً في الوقوف على الأزمنة الصحيحة ولست أقول أنني في عضمة في عملي هذا ولكنه يمكن أن يكون أكثر من غيره ضبطاً واتقاناً. فإذا قام أحد غيري وكتب تاريخاً أصح من هذا فلا ريب أن معظم الفضل بنسب إلىّ لأنني السابقة في حلية هذا الميدان وكنت قد وضعت جدولاً يحتوي أمم كل ملك أو وزير أو أمير أو خليفة أو سلطان أو بطريرك له علاقة بمصر أو ملك عليها ولكنني رأيت نشره لا يفيد القراء كثيراً لطوله فاقتصرت على نشر جدول البطاركة فقط.
ولا ريب في أن القراء سيجدون اختصاراً كثيراً في الأربعة القرون الأولى فيما يختص بالأمور اللاهوتية ولكنهم سيشكرونني كثيراً لأنني توسعت لهم في ذكر حوادث نحو ١٩٠٠ سنة تبتدئ من حكم البطالسة لحد الآن.
ولست أخفي على القارئ الحيرة التي وقعت فيها في اختيار بعض الحقائق التاريخية التي كنت أشك في صحتها لأنها كتبت بأيدي أناس لا أشك في تحيزهم ووجود ضلع لهم مع الذين كتبوا عنهم كتاريخ القرن السابع مثلاً الذي كتب أكثره جماعة المسلمين عن المسلمين أنفسهم ولكن على أي حال فإن تاريخ الكنيسة القبطية إجمالياً لا يقل في الفخر والمجد عن تاريخ كنيسة أخرى غربية بل قد يذري بأكثرها، فإنه إذا كان الانكليزي مثلاً بفتخر بمجد كنيسته وقديسها فيجب عليه أن يتذكر أنه في المسيح لا فرق بين اليهودي واليوناني ولا تمييز بين العبد والحر. كذا لا يعرف المسينح يونانياً أو رومياً انكليزياً أو مصرياً بل الجميع سيقفون أمامه يوم الدينونة ويقدمون حساباً عما جنته أيديهم. إذاً فالعبرة ليست بالكنيسة أو بالجنسية بل بالإيمان والأعمال.
أما تاريخ الكنيسة القبطية وحدها فقد كتبه كثيرون من أعاظم رجالها الأولين بداء بكتابته سويرس أسقف الأشمونين (بمركز ملوي بمديرية أسيوط) في النصف الثاني من القرن العاشر وأتمه ميخائيل أسقف طانيس لحد سنة ١٢٤٣ وقد بقيت نسخة واحدة من هذا التاريخ هي الآن موجودة في باريس ولم يعتن أحد بترجمتها إلى احدى اللغات الأوروبية وقد أخذت هذا التاريخ من عدة مؤلفات كثيرة بينها كتابان قبطيان عظيما القيمة اعتمدت عليهما في أكثر الحقائق التي نقلتها.
هذا ولا يسعني إلا الثناء الكثير على حضرات مرقص بك سميكة الذي ساعدني كثيراً في وضع هذا الكتاب والأستاذ فولر بالكتبخانة الخديوية ولقربي الذي أخذ يبدي ومهد لي سبل الصعوبات الجمة التي اعترضتني في طريقي ولازلت مديونة له في كل عمل من الأعمال.
تحريراً بكنيسة القاهرة سنة ١٨٩٧
(الإمضاء) (مسز) ا.ل. بتشر
فهرست المجلد الأول 🔗
- الفصل الأول: مجئ القيصر إلى مصر
- الفصل الثاني: مجئ المسيح
- الفصل الثالث: كرازة مار مرقص
- الفصل الرابع: بطريرك واحد وسبعة قياصرة
- الفصل الخامس: رواد النيل في القرن الثاني
- الفصل السادس: المدرسة اللاهوتية الأولى
- الفصل السابع: أوريجانوس
- الفصل الثامن: اضطهاد ديثيوس للمسيحيين
- الفصل التاسع: اضطهاد فالريان للمسيحيين
- الفصل العاشر: مار آمون ومار أنطونيوس
- الفصل الحادي عشر: الجهاد في سبيل الحرية
- الفصل الثاني عشر: تاريخ الشهداء
- الفصل الثالث عشر: جدال آريوس
- الفصل الرابع عشر: البدعة والانشقاق
- الفصل الخامس عشر: غريغوريوس وجورجيوس من كبدوكية
- الفصل السادس عشر: أوبة أثناسيوس و وفاته
- الفصل السابع عشر: انتحار الأمة المصرية
- الفصل الثامن عشر: آخر أسقف آريوسي في الاسكندرية
- الفصل التاسع عشر: سقوط هيكل سيرابيس
- الفصل العشرون: الأخوة الطوال القامة
- الفصل الحادي والعشرون: سينيشوس التوريني
مقدمة - صاحب جريدة مصر (الذي وقف على طبع الكتاب) 🔗
إذا قرأ القارئ تاريخ الأمة القبطية التي عنت بوضعه هذه السيدة الانكليزية الفاضلة يرى أنها أمة لم ير لها نظير بين أمم الأرض في المصائب التي تراكمت عليها من سيف ونار واضطهاد وعذاب وحروب داخلية وخارجية وثورات أهلية وغارات دينية وغير هذه البلايا التي لو حاقت واحدة منها بأقوى أمم الزمان لما بقي لها في عالم الوجود وجود. إن القارئ الفطن إذا أنعم نظره في هذه النكبات التي حلت بهذه الأمة الأسيفة مدة عشرين قرناً لابد وأن يشفق عليها ويرثى لتضعضع حالها الحاضر ويرى أنها قاومت الدهر بقوة تخالف القوة المحدودة في الناموس الطبيعي.
ولا مراء في أن الأمة الفبطية الحاضرة بما عرف عنها من الذكاء الخارق والفطنة الموروثة تستفيد من تاريخها هذا فائدة لا تجدها في غيره إذ تقف على حقيقة ما فيها باجلى بيان ويتجلى لها مجدها القديم الذي انهار وضاع فتعمل على استرجاعه وتعرف قوة آبائها وسؤددهم فتسعى في اعادته وإزاحة الستار عنه.
ومعلوم للقراء أن هذا التاريخ يمتاز عن غيره من التواريخ الأخرى التي كتبت عن الأمة القبطية في أنه صحيح دقيق لم يترك شاردة إلا وسجلها في باطنه فضلاً عن أنه كتب بروح خالية من الغرض أو الجبن الذي أضاع أكثر الحقائق التاريخية في التواريخ الأخرى التي لها علاقة بالقرن السابع كما شهد بذلك كل من قرأ التواريخ التي ظهرت مؤخراً بشأن هذه الأمة فإنه يجد روح الخوف من لا شئ يرف على كل صفحة من صفحاتها.
هذا وكنا قد عزمنا على اصدار هذا التاريخ في مجلدين ولكن لطوله وكبر حجمه وتشوق الناس إلى قراءته اصدرنا هذا المجلد بعد تقسيم الأطل الانكليزي إلى أربعة مجلدات سيرز الثاني والثالث والرابع منها بالتوالي عن قريب.
ونحن واثقون في أن اقبال الأدباء عليه يكون يموازاة أهميته وفائدته هذا ولا يسعنا إلا امتداح غيرة وهمة حضرة النشيط اسكندر افندي تادرس أحد موظفي نظارة الداخلية الذي عنى بترجمة هذا الكتاب بالدقة التامة وأحكم تطبيق الترجمة على الأصل كما شهد بذلك النابغون في اللغة الانكليزية من أبناء أمتنا القبطية الذين راجعوا الترجمة بإمعان وحكموا بصحتها نفع الله بمثله وأمثالهم الأمة والوطن.
تادرس شنودة المنقبادي
جدول بطاركة الكنيسة القبطية 🔗
- مار مرقس: سنة ٤٥ ب.م
- انيانوس: سنة ٦٢ ب.م
هذا الكتاب لم يكتمل بعد
خلال الأيام القليلة القادمة سيتم الإنتهاء من كتابته إن شاء الله.